اختيار العطر الجزء الثاني

نصائح قبل اختيار العطر – الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزي الزائر .. إذا كنت ستمر بعينيك سريعا على المقال لأنك مشغول أو متسرع أو لا تحب القراءة ، فأعتقد أنه سيفوتك الكثير ، و نظرا لطول المقال ، فأنا أنصحك بالتوجه أولا لمطبخك لإعداد قدحا من القهوة أو كوبا من الشاي أو حتى أخضر لنفسك شطيرة ساخنة ، حتى يروقك بالك و تستقر هكذا على مقعدك و يصبرك ربنا حتى تكمل قراءة المقال 🙂

تعتبر العطور المرتكزة على الأزهار ، هي  الأسهل و الأصعب اختيارا عند الشراء ! فمعظم العطور العالمية الراقية و الأنيقة هي عطور زهرية أو زهرية شرقية ، و هذه حقيقة تاريخية و يبدوا أنها سوف تستمر . و مع  ذلك فالكثير يعتقد أنها عطور عادية لأنها منتشرة و يستخدمها الكثيرين !  فإذا كانت زوجتك من النساء المغرورات أو المتكبرات ، فانصحك بالبعد عن فكرة شراء عطر لزوجتك خصوصا لو كان من العائلة الزهرية ، و الافضل أن تعطها مال للشراء بنفسها أو اصحبها معك لكي تختار بنفسها ، و لا توجها هناك نحو عطر معين .

إذا كنت تشتري عطر لشخص عادة لا يستعمل العطور ، أو ليس مهوسا بها ، و لا تعرف أي عطر يفضل ، فاسأل البائع عن أكثر عطر مبيعا في العام الماضي و أبحث عبر الانترنت عن أفضل العطور مبيعا ، فقد لا يكون بائعك محترفا أو ليس صاحب متجر ضخم . و عندما تهدي هذا الشخص العطر الذي اشتريته له ، أخبره أنه من أكثر العطور مبيعا كما قال لك البائع ! يمكنك أيضا بدلا من هذه الفكرة ملاحظة ما إذا كان يرتدي دائما ملابس عصرية أم ملابس كلاسيكية ، و على ذلك ابحث عن أفضل العطور العصرية أو أفضل العطور الكلاسيكية .

إذا كنت تشتري عطر لشخص مهوس بالعطور أو ذو ذوق رفيع في عالم العطور ، فعليك أن تشتري له ماء عطر أو عطر مركز ( eau de parfum – parfum ) و يمكنك دائما التركيز على الماركات الراقية مثل كلايف كريستيان – آنيك جوتال – جيرلان – مونتال  – كريد. لكن نصيحتي أن تجمع معلومات عن أفضل الروائح التي يحبها هذا الشخص قبل أن تغامر و تشتري له عطر قد يكلفك كثير من المال .

لا تشتري أبدا ، أبدا ، أبدا عطر لأنه العطر المفضل عند صديق لك ، بدون تجربته على بشرتك . فكل جسم له خواص كيميائية تتفاعل مع العطور ، ما قد يعجبك على صديقك قد لا يعجبك أنت شخصيا على نفسك .

لا تكثر من رش العطور على بشرتك ، لأن معظم العطور تحوي مواد كيميائية ، خاصة بالازابة و التثبيت و الانتشار و ما إلى ذلك . رش العطر أفضل على ملابسك . و يفضل عدم استخدام العطور أثناء الحمل بالنسبة للمرأة الحامل و زوجها أيضا ، خصوصا لو كانت عطور رخيصة .

العطور الرخيصة نوعان : نوع رخيص لكن الشركة المصنعة ، ذات تاريخ و أصول في هذه الصناعة و لكن مكونات العطر غير معقدة و خاماته بطبيعتها منخفضة السعر وهذه لا مشكلة فيها كقاعدة عامة . و نوع آخر و هو العطور المزيفة و العطور المقلدة ، سواء كانت مثل مايعرف بتركيبات العطور أو العطور التركيب ، أو كانت عطور تحمل علامة تجارية مزيفة أو مقلدة ، و كل من النوعين خطير جدا جدا بالصحة .

لا ترهق نفسك بالسعي و البحث و التفتيش على عطر ثابت يدوم طويلا ، طالما بشرتك جافة أو  أنت تستخدم ملابس من البوليستر أو الإكليرك ( الصوف الصناعي و الحرير الصناعي )  فهذا مضيعة للوقت و المال و ستصاب بالاحباط . وفر جزء من مالك لإقتناء ملابس من الصوف الطبيعي في الشتاء ، و ملابس من الكتان النقي أو  القطن الطبيعي في الصيف ، بدلا من انفاق كل مالك على شراء هذا العطر و ذاك ، لأن تلك الخامات الأخيرة يثبت عليها العطر كقاعدة عامة بشكل جيد .

فيما يخص ثبات العطور ، فقد تبادلت التعليقات أنا و عضو لامع في موقع نورانيوم حول هذه المسألة . و لكن قبل الخوض في التفاصيل ، عندي لكم فكرة ربما تكون الحل الأمثل ، و أنا و الحمد لله جربتها و تذوقت جمال ثمارها و الحمد لله ، فصارت عطوري أكثر ثباتا و استمتع بها حاليا بشكل أكبر .. الفكرة هي و أتمنى أن تجربوها عن اقتناع و إن شاء الله تلاحظون الفرق :

جرب أن تتصدق بثلث ثمن العطر الذي تعتزم شرائه ، لا تستغرب فهذا عن تجربة ، فلقد أنعم عليك الله بنعمة المال و نحن كمؤمننين في أموالنا حق للسائل و المحروم ، فأدوا الحق إلى أصحابه ، ينعم الله عليكم و يزيدكم من فضله و يمتعكم بأموالكم و ذريتكم و أزواجكم و عطوركم .

يقول تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

إن المتقين في جنات و عيون -15- أخذين ما أتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين -16- كانوا قليلا من الليل ما يهجعون -17- و بالاسحار هم يستغفرون-18- وفي أموالهم حق للسائل و المحروم -19- وفي الأرض آيات للموقنين -20- وفي أنفسكم أفلا تبصرون -21- وفي السماء رزقكم و ما توعدون – 22- سورة الذاريات

لاحظ كلمة أو صفة المتقين .. أعطتتنا الأية وصف لهم و أشارت لأنهم كانوا من كثرة تصدقهم كمن فرض فرضا واجبا .

يتضح هذا أكثر في الأية 177 من سورة البقرة ، ولاحظ فيها أيضا اختلاف الزكاة عن الصدقة وأن الصدقة أساسية إذا كنت تريد أن تصبح من المتقين كي تكون في جنات وعيون مثلما أوضحت الأيات السابقة ، و بالإضافة لوجوب تحقق باقي الشروط ، و الله سبحانه أعلى و أعلم . وهذا خصوصا لمن أعطاه الله رزقا موفورا . كمن يدفع مئات الريالات أو الجنهيات لشراء عطر ، ثم يشتكي في النهاية من انه لا يستمتع به و أنه غير ثابت .

يقول تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله و اليوم الأخر و الملائكة و الكتاب و النبيين و ءاتى المال على حبه ذوي القربى و اليتاما و المساكين وابن السبيل و السائلين و في الرقاب و أقام الصلاة و ءاتى الزكاة و الموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين في البأساء و الضراء و حين البأس أولئك الذين صدقوا و أولئك هم المتقون -177- سورة البقرة .

و في انجيل لوقا ( و اعتذر لأنني لا أذكر رقم الاصحاح و النص الأصلي بدقة ) جاء شاب ثري للمسيح عليه السلام فقال الشاب أيها الصالح ماذا أفعل كي أرث الحياة الأبدية أو أدخل ملكوت الرب ( يعني يرغب في دخول الجنة ) فأجابه المسيح قائلا : بع كل مالك و تعال اتبعني ( يعني تصدق بكل مالك و تعال اتبع تعاليمي )

فالصدقة في الاسلام و في المسيحية شرطان جوهريان للتقى و التقى يؤدي برحمة الله إلى الجنة ، حيث رضا الله و النعيم الأبدي و الحرير و أفخر و أفخم العطور التي يعجز أي بشر عن تخيل ريحها الطيب .

و اعلم أن الله سيزيد من جمال و حلاوة العطر في عينيك ، إذا أنفقت جزء من أموالك يعادل ثمن العطر أو ثلثه في سبيل الله . صدقني عن تجربة .

و بالرجوع لما دار بيني و بين الأخ فلاح حول ثبات العطور يقول الأخ فلاح من العراق :

” اخي نورانيوم المحترم في الحقيقه هنا اريد ان ابين لكم موضوعا له علاقه بدرجة ثبات العطر ومن هنا ومن موقعنا موقع نورانيوم نوضح هذا الموضوع حول هذه الظاهره المنتشره ظاهره عدم ثبات العطر لنجعل اولا العطور المقلده على جنب ونأتي الى العطور من مناشئ اصليه حيث فيه انتقاد من الناس حول عدم ثبات العطر هنالك عدة اسباب ولكن هناك سبب رئيسي دائما يحصل معي وهو اشباع الخلايه الحسيه في الانف من رائحة العطر وهنك مشاكل اخرى في الجيوب لدى بعض من الناس فأنا كثيرا من المرات لااشم رائحة العطر الذي وضعته بعد ساعه او ساعتين والعطر مثلا من شانيل او اي ماركه معروفه عطورها ثابته واتفاجئ بالناس اللي حولي ويقولون لي هذه الرائحه جميله جدا هم يشمون العطر اللي عليه بقوه وبنفس الوقت انا لااشم الا قليلا جداوالعيب ليس في العطر حواس الانف هي التي تخدع الانسان ولا يشم العطر بالمستوى المطلوب ويجب ان نعرف ان هنالك تفاوت بدرجات الثبات من عطر لعطر اخر. ولربما سائل يسأل لماذا العطور القديمه كانت ثابته اكثر لذاهنالك اسباب اخرى سوف نذكرها في مرات اخرى وآسف على الاطاله …تحياتي لكم “

فقمت أنا بالرد قائلا : بارك الله فيك أخي الكريم فلاح ، لقد أصبت جانبا كبيرا من الحقيقة ، بالفعل الأنف تعتاد على الرائحة وهذا من رحمة الله ، وكنت في تعليق سابق لي ، قد ضربت مثلا غريبا ( بعد أن هداني الله إليه ) فقلت أنظروا إلى عمال نزح المجاري ( المجارير ) كيف يتحملون تلك الرائحة ! و الإجابة هي أن أنوفهم اعتادت عليها فلا يلاحظون تلك الروائح . و قصدت بهذا المثل رغم غرابته لفت الانتباه . وهناك شيء آخر ذكرته أنت و كنت قد ألمحت أنا إليه سابقا ، وهو أن الكثير من الناس لا تثني على واضع العطر أما خجلا و أما حسدا و احيانا بالطبع لوجود مشكلات في جيوبهم الأنفية أو من كثرة هموم الحياة أو لأن العطر بالفعل غير ملحوظ ، كما أن من اعتاد على رائحتك الزكية لن يخبرك بالطبع في كل مرة يقابلك فيها بمدى روعة عطرك . و أما ما يخص درجة ثبات العطور القديمة المرتفعة ، فنتطلع بسعادة و اعتزاز لمعرفة السبب منك رغم أننا نعلم سلفا بعض الأسباب . غدا إن شاء الله تجد موضوعا مختصرا حول الموضوع كله نزولا على رغبتك و رغبة الأخي الكريم البارودي . تقبل تحيات نورانيوم .

فرد الأخ فلاح قائلا : ” اشكرك جدا على الرد اخي نورانيوم على هذه التوضيحات القيمه. بالنسبه لثبات العطور القديمه انا اعتقد ان الشركات هي تتعمد من تخفيض نسبة التركيز في العطور حاليا عن السابق لاسباب صحيه تتعلق بسلامة الانسان وهذا موضوع طويل وعريض وانا بأعتقادي ان هناك اسباب اخرى منها ان النباتات والزهور والفواكه وغيرها التي تدخل في صناعة العطور ايضا تأثرت بعوامل البيئه الحاليه من تأثيرات الاحتباس الحراري والملوثات الهائله الاخرى وهذا كله له الاثر على هذه النباتات التي تدخل في العطور وبدورها تقلل من جودتها حالها حال الخضراوات والفواكه الذي نأكله هذه الايام والذي ليس له اي طعم لاسباب معروفه كلنا نعرفها ولهذا فأن في السابق كل شئ فريش ولذلك فان العطور في السابق كانت جيده وثابته لان النباتات في ذلك الوقت والتي تدخل في صناعة العطور لم تتأثر بهذه العوامل البيئه المدمره لكل الكائنات الحيه كماالان. ولااعرف ان كان هذا السبب مقنع ام لا واذا كان غير مقنع فأرجو ان تسامحوني لانه اجتهاد شخصي وارجو من شركات العطور ان لايزعلوا منا وشكرا لكم.. تحياتي “

وهنا أحب أن أوضح شيء هام جدا ، بالإضافة لما ذكره الأخ الكريم فلاح ، و لعله أشار إليه إشارة عبارة . هذا الشيء المهم هو أنه في بداية الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي انتشرت مسألة إضافة مواد كميائية على العطور للإكثار من فوحانها و ثباتها ثم عدلت بعد ذلك كثير من شركات العطور عن استخدامها عندما انتشرت جمعيات حماية المستهلك في أوربا و أمريكا خصوصا ، كذلك كانت هناك مكونات طبيعية تساعد على ثبات العطور و لكنها شبه انقرضت . أما العطور الأقدم من ذلك فكانت لها معايير جودة مرتفعة جدا تهدف في المقام الأول لإرضاء الزبائن و كان ذلك عند صانع العطر يفوق نظريات التجارة الحديثة المتعلقة بالكلفة و العائد ، إذ أصبح الأن الربح هو الشغل الشاغل و ليذهب عشاق العطور إلى المجارير .

أيضا إضمحلال الأذواق و السعي خلف الموضة ، فنحن لا نستطيع الإنكار أن هناك من يبحثون دائما عن جديد العطور بشكل محموم ، حتى أنني و قبل بداية هذا العام 2010 و كنا على المدونة القديمة و تقريبا في أكتوبر 2009  أكتشفت عبر تقارير محركات البحث أن هناك عدد هائل من الأشخاص يبحثون عن أفضل عطور 2010 و كنا وقتها كما ذكرت في أكتوبر 2009 !! كيف يبحثون عن أفضل عطور 2010 و لم ينزل أي منها بعد إلى الأسواق 🙂 . أيضا هناك من يشترون عطورا لمجرد الماركة أو العلامة التجارية ، و المشكلة أن هذه الماركات لا علاقة لها أصلا بتاريخ صناعة العطور ! فهي شركات أزياء مثلا أو صناع ساعات أو حتى مطرب أو ممثلة ، يتوجهون لشركة كبرى و ذات تاريخ عريق في صناعة العطور و يقوم كل منهم بعقد صفقة لإطلاق عطر جديد ، و بالطبع نظرية التكلفة و العائد هي العامل الجوهري هنا ، فمثل هذه العطور تباع شئنا أم أبينا ، لا لجمال العطر في أغلب الأحيان و لكن بسبب الهوس بالموضة و العلامات التجارية . و أكبر دليل على مسألة اهتمام الشركات حاليا فقط بالكلفة و العائد ، هو أن معظم العطور القوية و الجذابة و الرائعة و التي لم تتكرر قد توقف انتاجها ، طالما كان الصانع شخص آخر غير صاحب العلامة التجارية  ، بمعني أن صانع العطر تلقى مالا من أجل صناعة العطر لصالح صاحب الماركة .

وفي ضوء السعي المرضي خلف الموضة و العلامات التجارية تدهورت أحوال الكثيرين من أباطرة صناع العطور و الذين لا يسمع بهم معظمنا بسبب الزخم الاعلامي الذي يوظف بوقه لكل من يدفع أكثر و فقط لمن يدفع أكثر .

وعلينا ألا ننسى مسألة كارثية وواقعية وهي الموهبة الضائعة ، فأكبر كارثتين  قد حاقتا بالعالم أجمع هما أولا ضعف الضمائر و ثانيا ضياع المواهب الحقيقية ، في عالم صارت التعاملات فيه قائمة على الوساطه لا معايير الكفائة و الإبداع .. نعم حتى هذا يحث في بلاد الغرب ، انظر لاسماء صناع العطور لدى الشركات الكبرى ، كم اسم ؟ أين المواهب ؟ كيف اختفت ؟ أنظر لحال الكتاب و الصحفيين ! أين روائع الأدب ؟ أين الرويات الهادفة ؟ أنظر للسينما ! أين الأفلام التي تبكي و تضحك ؟ انظر للساسة ! من سيحكم بعد الزعيم فلان ؟ و عندما تسأل يقولون و هل هناك أحد يصلح للحكم ؟ كيف اختفت جميع الكفاءات فجأة ؟ هل لدى أحد منكم اجابات !!