التململ والأحباط، في عدة نقاط!

أرى أن الخطوات المتسارعة التي يخطوها أغلب الأخوة من هواة وعشاق ومدمني العطور ستؤدي بهم إلى نتائج وخيمة وكارثية على المستويين المادي والنفسي. فمن اللهاث والتعب، إلى الأحباط والملل، وبعدها الإعتزال والندم. وهذهِ الوتيرة الأخذة بالتصاعد لها أسبابها العديدة وعواملها المساعدة ومنها:

•ثورة التكنلوجيا الكبيرة التي قربت البعيد .. وبعدت القريب، وجعلت مسألة البحث والتنقيب، وعملية الشراء تجري بشكل سهل ويسير، وهذا الأمر بما لهُ من نتائج إيجابية، لهُ تداعياته السلبية، اذا لم يُحسِن أستخدامها بصورة صحيحة.
•وجود شركات عطور عالمية كثيرة جداً تجعل التجارب مع جميعها أشبه بالمستحيل، فينهمك البعض بكثرة التجارب، سواء عن طريق السامبلات، او التجارب في المحلات، فيصابون بالأعياء والإستنزاف من ناحيتين، الاولى هي الأوقات الطويلة التي يقضونها لتلك التجارب، والثانية هي الأموال الطائلة التي تستنزف الميزانية.

ولكن دعوني أوضح السبب الحقيقي والأهم بحسب وجهة نظري الشخصية. وهو إن ألأغلبية الساحقة لمحبي العطور هُم حديثوا عهد بها، ولم يمروا بالمراحل التدريجية التي ينبغي أن يمر بها أي هاوي جديد وفق التسلسل الزمني أو الخط البياني الذي يجب أن يمر به. فمثلاً تجدُ شخصاً ليس لديه أي شغف أو دراية بالعطور، بل ولم يقتني عطراً من قبل، وقد فاته الكثير من معرفتها في السنوات السابقة، لكنه بدأ يقرأ ويسمع عن العطور التي لاعلم لهُ بها، وفي اليوم التالي تراهُ يذهب لشرائها بالعشرات، يحسبها طماطم او بطاطا، وكل ذلك لإنهُ يحاول ردم الهوه العميقة التي تفصل مابينهُ وبين من سبقوه في هذا المضمار، حتى يصل الى طريق مسدود لايعلم ماذا يريد، هل هي هواية جديدة أم نزوة؟ أم إنها محاولة إرضاء غرور شخصي؟ وبعدها تبقى اغلب عطوره التي اشتراها مكدسة في علبها لايستخدمها، والاموال التي أنفقها سوف تحدد ميزانية عائلته التي يُعيلها، لتبدأ مشاكل أُسَرية من نوع جديد، آلا وهي المشاكل العطرية، وهذا مايجعل الأغلب يتوارون ويعودون أدراجهم وهم يرددون ولات حين مناص.

النوع الأخر هو الذي دخل من الباب الضيقة فوقع ولم يُسمي عليه أحد. وهذا النوع هو الذي لم تكن لهُ دراية بالعطور أصلاً، ولكنه قفز فوق عطور الدزاينر مباشرةً ليجد نفسه بين أحضان عطور النيش دون سابق عِلْم، وهو بذلك قد تجاوز فترة تأريخية مهمة كان يجب أن يمر بها للتعرف على روائع العطور وأيقوناتها التي لايعرف قيمتها ولم يجرب شذى عبيرها، وهذا النوع خصوصاً سوف يقع غير مأسوفاً عليه ويصاب بالاحباط سريعاً والهروب بعد فترة وجيزة نتيجة الأسعار الباهظة لهذهِ الفئة النيشية والروائح الغريبة المُشفرة التي لاتناسب الطقس في بلادنا العربية والتي تبدو معقدة على أنف هاوي حديث العهد لايُميز بين رائحة الجلود والعود، ولايعلم ماالفرق بين البحر والنهر، ولا بين الاستعمار والاستحمار، أضف الى هذا وذاك عدم توفر معظمها في الاسواق العربية، وتجدها تباع حصرياً من خلال النت أو في بعض البوتيكات العالمية الخاصة.
كل هذه الأمور وغيرها ستُدخل الملل وهفوت الرغبة وعدم الاكتراث بهذهِ العطور سريعاً، وأخيرا يتم اعتزالها والخروج من الباب الضيق بخفي حُنين، وهم يرددون ولات ساعة ندم.
أما لو كان الشخص قد واكب هذه المراحل بشكل تدريجي وبدون تسرع، أو حتى إن كان شاباً يافع قد أخذ الأمور بالتدرج ودون إستعجال فسوف لن يصاب بالاحباط والتململ ولن يتأثر بما يُعرف إسهال الشراء بالجُملة والذي نراهُ كثيراً هذهِ الأيام، لانه يعي ماالذي يريد شرائه، ويعرف ماسوف يقتنيه بخبراته وتجاربه السابقة على مدى عقودٍ مضت، أو حتى خلال سنوات قريبة، بل هو يجد في ذلك لذة وإستمتاع لاحدود لها، وفرحتهُ بشراء العطر الجديد تشبه فرحة الطفل الذي يحصل على لعبته المفضلة، مثل هؤلاء هم من يطلق عليهم عشاق العطور، وهم بذلك يرددون لا إسراف .. ولا تقتير .. ودمتم بكل خير. الساعدي

شاهد أيضاً

عمر الشريف

عطر عمر الشريف للرجل

مراجعة عطر عمر الشريف للرجل Omar Sharif Pour Homme العطر زاخر بالمكونات العطرية من الحمضيات، والأعشاب الخضراء ذات اللمسة الواضحة في العطر

4 تعليقات

  1. مقال رائع وبالغ العمق والواقعية، أحسن الله إليك وسلمت يمينك.
    ومن الأسباب كذلك لهذا الهوس الشرائي تسبب فيه للأسف بعض مراجعي العطور لحرص هؤلاء المراجعين على الحضور والتواجد مهما كان المحتوى مكررًا وروجع مئات المرات. ويضعون قوائم تحت عنوان (عطور يجب أن تكون في مكتبتك العطرية) أو (عطور لا غنى عنها لأي جامع عطور) وما شابهها من العناوين التي تجلد المتابعين المستجدين وتلهب نزعة الشراء لديهم. وآخرون منهم يحرص على تصوير ما من الله به عليه من مقتنيات عطرية جمعها على مدار سنوات -وكثير منها أتته بطريق الهدايا والإعلان- فيضعونها في خلفية مقاطعهم مما يصيب بعض المتابعين بسُعار الشراء ظنًا أن كل جامع عطور يجب أن ينتهي مطاف مكتبته العطرية كمكتبة من يشاهده، ويغيب عنهم أنها رزق من الله يوسع الله فيه على البعض ويقدر على البعض.
    تحياتي لحضرتك ?

  2. مقال جميل وهذه اكبر مشكله واقعين فيها اكثر عشاق العطور البعض عنده 200 عطر
    ولا اقتنع ولم يحصل على مبتغاه معا ان جيل الطيبين عطر واحد ومكتفي به ومبسوط عليه
    مادري ايش الخلل في العطور او في البشر
    والحقيقه والصراحه عطور النيش لاتصلح لنا
    وخاصه اجواانا العربيه اهدار كثير من المال
    ولا تستخدم العطر كم مره عطور انيس فيها شي مش طبيعي حاجه تسبب الغثيان ويصبح الاستخدام مقيد
    عكس عطور الديزاينر فرفشه وخفيفه وغير ممله

  3. بالنسبة لي
    ٧٠% من العطور الموجوده الان في السوق
    متشابهة لحد التطابق في بعض الاحيان
    كله ينسخ من بعض
    حتى عطور النيش
    فليس هناك جديد
    يستحق التعب والبحث عنه .
    جميعها اشباه
    افينتوس
    بكرات روج
    توسكان ليذر
    توباكو فانيل
    ايتاليان ليذر
    وغيرها كثير
    والديزاينر كله يلطش من بعض
    برأيي هذا من اهم اسباب شعور اغلب عشاق العطور . بالملل .
    تفرح بإطلاق دار لعطر ما
    وتسر وتتلهف لتجربته
    وفي النهاية تكتشف انه محاكة لعطر تملكه او اقتنيته سابقا . مع بعض الاضافات التي قد تكون كارثية وتشوه العطر .

  4. بارك الله فيك أخي هذه حقيقة واقعية و هذا هو الكلام المنطقي وياليت كل عشاق العطور يعرفون مراحل الدخول في عالم العطور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *