عطر جيرلان –  تونكا إمبيريال

Guerlain – Tonka Imperiale

 لماذا جيرلان متميزة عن دور العطور الأخرى؟ … هل بسبب المتعصبين لهذه الدار! … أم بسبب تركيزها على العطور عِوضاً عن الأزياء كباقي الدُّور! … أم ياتُرى لأسباب أخرى؟ … لكم أن تتساءلوا عن السبب الحقيقي وراء ذلك التميّز و ذلك بأن تضعوا على طاولة الحوار كل النقاط الممكنة و لن تخرجوا بنتيجة أفضل مما تخرجوا به فيما لو جربتم هذا العطر العديم الجنس .. “تونكا إمبيريال” ..

لم يخطر ببالي قط أثناء زيارتي لبوتيك جيرلان أن أرى عطوراً حصرية تُضاهي أشهر العطور الحصرية الفاخرة بجمال رائحتها .. هذا العطر الفريد الذي أُنتج في العام المنصرم 2010 يدوم من ست إلى ثمان ساعاتٍ بإقتدار في جميع الأجواء .. يُعتبر بوَّابة للفخامة  .. لا يعُبر عن نفسه بنفاذيةٍ مُفرطة تُزعِجُ من حولهُ أبداً .. بل هو من العطور التي تجعل من حولك يرغب في الإقتراب منك ليستنشق أريج هذا العطر الأخّاذ الغريب الرائحة و التي ابتكرها تييري فاسر Thierry Wasser  .. رائحة فعلاً مثيرة و مُحرّضة للطرفين .. تُخفي قُوى إثارة و جذب لايمُكن إغفالها أبداً ..

لنأتي لوصف العطر الذي أتعبني لأنه يحتاج للوحة فنية يرسمها ليوناردو دافنشي و ليس لمن يحاول و هو مغلوب على أمره مثلي .. فلنبدأ:

تخيلوا معي  .. منزل سندريلاّ الصغير و هو مبني من القشّ و مفعم بالطبع برائحة القشّ الجافة .. وتلتفُّ على سقفِ هذا المنزل شجرة ياسمين مجاورة ضخمة .. و هناك في أحد أركانه .. تقبعُ جرة عسل فاخر تبعث رائحة حلوة لذيذة دافئة في أجواء هذا المنزل الصغير .. بينما على الطاولة المستديرة في منتصف المنزل تُوجد فوّاحة تحوي زيت حبوب التونكا و زيت البرغموت معاً يغليان على ضوء شمعة هادئة أسفل الفواحة .. و هناك كميات من اللوز المرّ على الطاولة منثورة بجوار علبة التبغ الطرية الصغيرة الفاخرة و التي بالكاد تشم رائحتها .. و ذلك بسبب البخور الطاغي المُثقل بعبير نسيم أخشاب الأرز و إكليل الجبل التي تحيط المنزل من كل الجهات .. و التي بدورها تخترق جدران القش الجافة الخفيفة لتعبق المنزل برائحتها فتُستثار الروائحُ الأُخرى نتيجةً لعبثِ تيّارها العابر .. ثم تجثو كلّها على أرض المنزل العبقة بزيت العنبر و المصنوعة من خشب الصنوبر الطريَّ و خشب الصندل الفاتن ..  و بعد ذلك تبدأ القطرات الندية داخل هذه المنزل الرّطب بإغراق المكونات للقاعدة الذكية الرائحة و التي تعمل كمصفاة لمكوناته .. و هناك أسفل هذا المنزل الصغير الحالم تقبع زجاجة تونكا إمبيريال ..وسط الظلام .. تلمعُ وحدها .. بتفرُّدٍ تام .. عاكسةً ضوء القمر في كل الإتجاهات .. تنتظر بهدوء نتيجة إغراق المكونات كلها .. ترتشف القطرات واحدةً تلو الأخرى برويَّة و ببطء .. تُميِّزُ فقط ما يُستساغ من هذه القطرات .. تشرب حتى الإرتواء .. و بعد أن ترتوي هذه الزجاجة الجميلة بخُلاصة القطرات .. تأتي السندريلاّ و حبيبها لإقفالها و وضع أخرى فارغة مكانها .. و من ثَمَّ يُغادروا و بصُحبتهم زجاجة عطرٍ تضمنُ لهم الحميمية التي يصبُو إليها كلّ مُغرم ..

أعترف بأن إفتتاحية العطر حادة كما لو أن هناك إنفجار لقنبلة زهرية من إكليل الجبل و البرغموت و نفحات من رائحة اللوز المرّ .. و لكن ما أن تهدأ تلك الإفتتاحية بسرعة عجيبة جداً إلا و تبدأ قصة أخرى تخلُب الألباب .. قصة رائحة حبوب التونكا التي روتها لكل من العسل الأبيض و الياسمين و التبغ في سهرة أُنسٍ حالمةٍ داخل هذا المنزل الصغير .. و هم يتسامرون فوق قاعدةٍ ذكيةِ الرائحة .. تحوي العنبر و البخور و خشب الأرز و الصنوبر.

بالنسبة لي و كرأي شخصي خاص فإن أفضل نهاية عطر جربتها لكافة العطور هي لهذا العطر المُدخَّن العجيب .. حلاوة الرائحة في هذا العطر أيضاً ليست كغيره من العطور الحلوة الرائحة الأخرى و لكنها خفيفة و متوازنة مع رائحة حبوب التونكا الجافة فلا تُشعرك بأنها كثيفة مزعجة أبداً ..

و كخاتمة للتقرير أود أن أُنوِّه بنقطتين ..

• الشتاء قادم! و هذا العطر شتوي بامتياز 🙂
• من يرتدي هذا العطر سيذهِلُ من حوله .. و من ترتدي هذا العطر فعليها ألاّ تطلب مني أو من غيري المساعدة!! .. فقد أعذر من أنذر 😀

الإفتتاحية: إكليل الجبل و اللوز المرّ و البرغموت. قلب العطر: حبوب التونكا و العسل الأبيض و الياسمين و نكهة التبغ الخفيفة جداً (بالكاد تُلاحظ). القاعدة: العنبر و البخور و خشب الأرز و الصنوبر.

يصدر العطر بحجم: 75 مل (حصري لدى بوتيكات جيرلان) … و سعره  بحدود 950 ريال سعودي.

و إلى مواضيع قادمة بإذن الله ..  في أمانِ الله و حِفظه .. محبكم: عبدالله الغانم