سيكولوجيا الرائحة – الجزء الأول
( اهداء خاص من مدونة خواطر و أفكار للكاتب PROMETHEUS )
دعيني أكتشف، طويلاً طويلاً، رائحة شعرك، وأُغرِقُ فيه وجهي كظامئ إلى ماء نبع، وأداعبه بيديّ كمنديل عطر، كي أهزَّ الذكريات في الفضاء. في موقد شعرك الملتهب، أتنشّق رائحة التبغ ممزوجاً بالأفيون والسكَّر. وفي ليل شعرك، أبصر تألّق اللانهائية في السماء الاستوائية الصافية. وعلى ضفاف شعرك، أنتشي بالروائح المضمّخة بالقطران والمسك وزيت جوز الهند”.
– شارل بودلير، شاعر فرنسي
إحدى الخصائص الغامضة للرائحة هي أنها تقيم روابط مع الأشياء والأشخاص والأمكنة. ويمكن أيضا أن تساعدك على اكتشاف جوانب خفيّة من شخصيّتك. شيء ما من قبيل اكتشاف الذات واستنطاق المشاعر واستكناه الرغبات الكامنة.
شخصيا تجذبني كثيرا رائحة القهوة في الصباح، والتي اعتبرها أحد أروع وأجمل العطور التي خلقها الله في هذا الكون. مع انه يصعب تفسير هذا الإحساس أو التعبير عنه بالكلمات. هناك أيضا، وإنْ بدرجة أقل، رائحة الشاي، الشموع المحترقة، رائحة بيتنا القديم ورائحة الخشب المحترق.
أتذكّر ذات مرّة، وكان الوقت شتاءً، أن جمعتني في احد الأمكنة جلسة حديث وسمر مع بعض من أحبّهم وآنس إليهم. لم يكن فوقنا تلك الليلة سوى السماء الرمادية والنجوم المتلألئة والهدوء الذي لم يكن يقطعه سوى همهمات وأصوات بعض كائنات الليل. وكانت هناك طبقات من الندى الذي راح يحجب شيئا فشيئا منظر الجبال خلفه. كان الوقت قبيل الفجر تقريبا. ولم نكن قد نمنا حتى تلك الساعة حيث فضّلنا أن نظلّ مستيقظين كي نستمتع برؤية المطر الذي يبدو انه جاء في غير أوانه. ومع مرور الوقت لاحظنا أن المكان يضوع برائحة عطرية شذيّة. وتبيّن لنا أن مصدرها فرع شجرة يابسة كنا قد استخدمناه كحطب. كانت رائحتها تعبق في الجوّ ممتزجة برائحة المطر الخفيف وباعثة شعورا نادرا وغريبا من ذلك النوع الذي يخلب العقل ويُسكِر الحواس. وما زلت أتذكّرها كأنني أشمّ أريجها في هذه اللحظة. كما لا أتصوّر أنني يمكن أن أنسى أدقّ تفاصيل تلك الليلة، ربّما بسبب تلك الرائحة بالذات.
وقد خطر لي الآن أن الرائحة، علاوة على أنها تعدّل المزاج وتشكّل الصور وتثير الذكريات القديمة، يمكن أيضا أن توفّر للإنسان موضوعا يستطيع أن يوظفه في الكتابة وفي أشكال الفنّ المختلفة.
والحقيقة أن ما يجذبني في موضوع الروائح بشكل خاصّ هو تأثيرها السيكولوجي والصور الذهنية التي تثيرها وعلاقتها بالرسم والموسيقى والأسرار الكامنة وراء انجذاب الناس إليها.
أعرف شخصا قضى أكثر من عشرين عاما في تجارة وصناعة العطور. وخلال هذه الفترة أصبح خبيرا بارعا في معرفة أسرار الروائح المختلفة، رغم انه لم يدرس الكيمياء ولم يتلقّ دروسا في تركيب وتوليف العطور.
وقد بلغ من مهارته انه يستطيع أن يميّز رائحة العطور عن بعد، بل وأن يفرّق بين ما هو أصلي ومقلد. وقد ذكّرتني مهارته وإلمامه ببطل رواية الكاتب الألماني باتريك ساسكيند “عطر” التي تحوّلت إلى فيلم سينمائي مشهور. بطل الفيلم كان يمتلك أنفا شديدة الحساسية. كان باستطاعته، مثلا، أن يشمّ العطور من مسافة بعيدة وأن يعرف مكوّنات وتركيبة كلّ عطر. وقد اكتسب هذه المهارة منذ صغره عندما كان يتجوّل بين النوافير التي تتناثر فوق مياهها أزهار القرنفل والليلك والسوسن والياسمين والقرفة والنرجس. كان يقضي ساعات المساء هناك مستنشقا عبير الأزهار الذي تحمله نسائم الليل لتنشره في كلّ اتجاه.
وقد فكّر ذات يوم في تركيب عطر يخصّه هو ويحمل اسمه ويكون أفضل عطر في هذا العالم. لكن حدث في أحد الأيام أن اجتذبته رائحة امرأة عابرة. وتحت تأثير افتتانه بعطرها، قرّر أن يتابعها ليعرف سرّ ذلك العطر الغريب الذي كانت تضعه. وأثناء محاولته تلك يقتل المرأة عن طريق الخطأ أثناء مشاجرة. وفي الرواية تختلط رائحة العطور برائحة الدم عندما يتحوّل البطل إلى قاتل محترف.
خبراء العطور اليوم يستطيعون التعرّف على شخصيّتك وطبيعة انفعالاتك من خلال عطرك المفضّل. يكفي مثلا أن تذكر اسم عطر أو اثنين ليكون ذلك مفتاحا لقراءتك من الداخل ومعرفة أدقّ سمات شخصيّتك، مثل ألوانك المفضّلة والموسيقى التي تحبّ سماعها بل والأماكن التي ترتاح لارتيادها أكثر من سواها.
يقول الروائي ساسكيند إن للروائح قوّة إقناع أكثر من الكلمات أو التعبير الصريح عن المشاعر. كما أن القدرة الاقناعية للعطر لا يمكن مقاومتها. إنها تنفذ إلى دواخلنا مثلما ينفذ الهواء إلى الرئتين فيملأهما”.
وهناك دائما نوع من الشعور الذي يثيره العطر. حبّ أوّل، لقاء حميم، وداع، صورة من زمن الطفولة، شخص خاص، مزاج ما، حالة حنين إلى لحظة معيّنة في مكان ما من زمن ماض، إلى آخره.
والعطر يمكن أن يكون عامل تحفيز وإلهام. كما انه لا شيء يستثير الذاكرة مثل نفحة عطر. بل لقد ثبت أن تأثير الرائحة على الذاكرة يفوق تأثير بقيّة الحواس.
وفي حالات كثيرة فإن أثر العطر الذي يضعه الإنسان يكون أقوى ممّا يمكن أن توفره المصافحة بالأيدي. بل إن العطر يمكن أن يقول عن صاحبه أكثر ممّا يمكن أن يقوله خطّ يده أو طريقته في الكتابة.
أتذكّر صديقا كان مغرما بأحد العطور الكلاسيكية المشهورة، واسمه سفاري من رالف لورين. هذا العطر بالمناسبة قديم نسبيا وهو مصنوع في الأساس للرجال لكن النساء أيضا يفضّلنه على النسخة النسائية منه. هو مركّز، قويّ جدّا ويدوم طويلا. كان ذلك الصديق يضع ذلك العطر وما أن يدخل مجلسا أو مكانا عامّا حتى يلفت إليه انتباه الحضور الذين كانوا يمطرونه بأسئلتهم عن اسم العطر وعن سعره وأماكن بيعه.
وبعض أنواع العطور برغم كلاسيكيّتها وقدمها ما تزال تجد طريقها إلى القلب والعقل وتلهب الأحاسيس وتثير المخيّلة. وأقرب الأمثلة على ذلك كْرِيد سيلفر ماونتين، ودراكار من غي لاروش. وأيضا لا يبدو أن النساء اقلّ افتتانا من الرجال بهذين العطرين.
والحقيقة انه يصعب أحيانا في عالم العطور رسم خط فاصل بين ما هو كلاسيكي وخالد وبين ما هو عصري وحديث. وهناك من يرى أن الكلاسيكي ليس معناه القديم بالضرورة. ما يحدث هو أن بعض العطور يعاد تركيبها ومزجها والإضافة إليها بطريقة مبتكرة حتى تروج وتبيع.
والعطر قريب الشبه جدّا بالموسيقى من حيث أن كليهما يتضمّن عنصري الإيقاع والتناغم. فالموسيقى ذات الإيقاعات المتناسقة تطرب الإنسان وتحمله إلى أماكن مختلفة. والعطر هو الآخر يأخذ الإنسان في اتجاهات متعدّدة متى أمكن التحكّم في مسارات الرائحة ودرجات تركيزها وبرودها أو جفافها. وقد تثير الرائحة في الذهن صورا وأشكالا وألوانا وحالات وبيئات معيّنة. انه نوع من تزامن الحواسّ الذي تحدّث عنه الفلاسفة والفنانون منذ القدم، وهي ظاهرة بعضها فطري والبعض الآخر يُكتسب عن طريق التجربة والمران.
كما أن هناك علاقة وثيقة بين العطر والرسم. فقد يعجب الواحد منا بلوحة ما ويستوقفه تناسق عناصرها وتناغم ألوانها. والعطر لا يختلف كثيرا عن اللوحة. فمدى نجاح وشعبية عطر ما تعتمد على إلمام صانعه بمهمّته ودقته في اختيار نسب المكوّنات والعناصر التي يتألّف منها العطر.
وهناك عنصر آخر مشترك بين العطر والموسيقى والرسم. وهو عنصر المتعة التي تشكّل هاجسا دائما للإنسان. والمتعة الكامنة في العطور يصعب شرحها أو تفسيرها. لكنها متّصلة بالعقل والحواسّ. والمتعة ليست فقط في رائحة الأزهار والنباتات والأخشاب العطرية، وإنما تمتدّ لتشمل رائحة الفحم والتبغ وحتى رائحة الكتب القديمة. وكلّ هذا المزيج الغريب من الروائح موجود في تركيب أفضل وأغلى أنوع العطور المعروفة في العالم اليوم.
ولا بدّ وأن ذاكرة كلّ منا تختزن عددا من روائح العطور التي خبرناها في مراحل مختلفة من حياتنا. وكلّ رائحة تستحضر شعورا ما. بعضها يذكّرنا بليالي الصيف في الأزقة القديمة وبعضها يذكّرنا بصديق أو حبيب قديم. وبعضها الآخر برائحة رياح الخريف الممزوجة بالمطر وهي تهبّ فوق الحقول.
**************************************************
سيكولوجيا الرائحة – الجزء الثاني
( اهداء خاص من مدونة خواطر و أفكار للكاتب PROMETHEUS )
“الوردة في كفّي.
والخمرة في كأسي..
وحبيبي يرشقني بالنرجس من عينيه الفاترتين.
فلماذا توقد شمعك في هذا الليل الداكن؟
لماذا تسكب عطرك في مجلسنا؟
يكفينا عطر جديلتك السوداء”!
– حافظ الشيرازي، شاعر فارسي
هل تريد عطرا متميّزا وخاصّا؟
قلت: نجرّب. قال: إذن انتظر قليلا.
ثم اتجه إلى خزانة مقفلة، فتحها وأخرج منها زجاجة فضّية صغيرة ملفوفة بقطعة من الحرير الناعم وعليها نقوش بدت قريبة الشبه بمنمنمة هندية أو فارسية قديمة. لكن عندما شممتُ رائحتها لم تعجبني كثيرا. كنت اعرف أن بعض العطور يصرخ وبعضها الآخر يهمس وعلى الزبون أن يختار ما يناسبه. وبدا لي أن الرائحة التي شممتها للتوّ كانت من الصنف الأول. للحظات، أحسست ببعض التوتّر والصداع. كانت الرائحة ثقيلة ومزعجة بعض الشيء ولا تخلو من غموض غريب.. لكني قدّرت أن هذا بالذات قد يكون سرّ جاذبيّتها.
قال صاحبي معلقا: تعرف؟ هذا العطر أشبه ما يكون بفستان مثير من الساتان المزيّن بالياقوت والزمرّد المشع. يحسن وضعه بعد الظلام ففيه يتجلّى سحر الليل وغموضه. سعره ثمانية آلاف ريال بالتمام والكمال. ولا يشتريه سوى النخبة وعلية القوم.
بعد دقيقتين أو ثلاث بردت الرائحة ثم بدأت تذبل شيئا فشيئا. في تلك الدرجة الخفيفة تذكّرت ديور اديكت، ذلك العطر المترع بالشهوة والغواية. العطر الباهظ الثمن فيه، هو أيضا، نكهة برتقال وفانيليا وريحان وقرفة وبخور وصندل. إيقاعه أنثوي. ومع ذلك هو مصنوع للرجال أساسا. وخيّل إلي أن بعض من يشترونه إنما يفعلون ذلك من باب المباهاة والتفاخر. وهناك احتمال أن بعضهم يستخدمونه لكنّهم غير متأكّدين من أنهم يحبّونه فعلا.
على كلّ حال، ثمانية آلاف ريال قد لا يكون مبلغا كبيرا إذا ما تذكّرنا أن أغلى عطر في العالم، واسمه إمبيريال ماجيستي من دار كلايف كريستيان، يباع بـ 215 ألف دولار للزجاجة. والسعر ليس مردّه العطر فحسب وإنما أيضا بسبب الزجاجة التي تحتويه والمرصّعة بالألماس والذهب والكريستال.
يتربّع على رأس قائمة العطورات الأكثر شعبية في العالم ثلاثة أسماء: ميتسوكو وشاليمار “من دار غيرلان الباريسية” والثالث شانيل فايف.
“ميتسوكو” رومانسي، ناعم ومثير للذكريات. قوامه اللافندر والخوخ والياسمين والفيتيفير أو جذور النجيل، بالإضافة إلى خلاصة فواكه لم تنضج لكنها مليئة بالرائحة الطازجة.
“شانيل فايف” أنثوي مع مسحة كلاسيكية. ويقال أن زجاجة من هذا العطر تباع كلّ نصف دقيقة.
“شاليمار” ذو رائحة تغلب عليها نكهة الفانيليا الشرقية والصندل. الاسم نفسه يثير جوّا من التذكّر والعاطفة والحنين. وقد اختار جاك غيرلان للعطر هذا الاسم الأسطوري “شاليمار” لما يوحي به من جمال الشرق وسحره. وشاليمار هو اسم الحدائق التي أقامها الإمبراطور المغولي الهندي شاه جيهان في بداية القرن الثامن عشر تكريما لذكرى زوجته ممتاز محل.
والقاسم المشترك بين هذه العطور الثلاثة، بالإضافة إلى شهرتها وشعبيّتها، هو أن عمرها جميعا يربو على الستّين عاما.
غير أن هناك اليوم عطورا أخرى تتمتّع بقدر عال من الرواج والانتشار وتصنّف على أنها من العطور ذات الرائحة التي لا تقاوم. قائمة العطور النسائية الرائجة طويلة. لكن يمكن التوقف عند بعض الأسماء. هناك مثلا غوتشي رش، لايت بلو من دولتشي غاباتا، لوليتا ليمبيتسكا، فيرا وانغ، هوت كوتور من جيفنشي، دريم اينجيلز هيفنلي من فيكتوريا سيكرت، جادور من كريستيان ديور، فلاور بامب من فيكتور اند رولف، انسبيريشن من لاكوست، ميراكل من لانكوم، ديزي من مارك جيكوبز، كوكو شانيل، بولغاري روز ايسينشال، رومانس من رالف لورين، وأخيرا وليس آخرا كشمير ميست من دونا كاران.
ومن العطور الرجالية ذات الشعبية الكبيرة اكوا دي جيو من ارماني “هذا العطر يناسب الجنسين لذا تفضّله النساء أيضا”، كول ووتر من دافيدوف، بولغاري بور هوم “رائحته ذكورية، رومانسي، مثير ويصلح لليل”، فهرنهايت من كريستيان ديور “عطر ذو رائحة متفرّدة ولا يشبهه أيّ عطر آخر”، بالإضافة إلى كلّ من باربيري بريت وايفوليوشن من دار عطور ايغنر الألمانية.
يقول بعض علماء النفس إن الغاية الأساسية من استخدام العطور هي محاولة الإنسان، اللاواعية أحيانا، إخفاء الرائحة الطبيعية لجسده.
وهنا بالضبط يأتي دور العطر الذي يتحدّث مباشرة إلى الإنسان ويضرب على أوتار ضعفه وهواجسه. فالإنسان بطبيعته يريد أن يبدو أجمل وأكثر جاذبية وأن يتمتّع برضا وحبّ الآخرين. وشركات العطور التقطت الرسالة بذكاء ووظفت أساليب الدعاية الحديثة للتأثير على العقول وبالتالي ترويج منتجاتها وتعظيم أرباحها.
تأمّل مثلا أسماء بعض العطور التي تحظى بالقبول والشعبية اليوم: بيوتيفل، سيكسي فور وومن، ديليشس، اتراكشن، افرودايت، كلين، لافلي “محبوب” والّلور “فتنة”. على فكرة، العطر الأخير له من اسمه نصيب. فهو خفيف، منعش وتغلب عليه نكهة الليمون.
شركات العطور تدرك أن الرائحة لها مفعول يتجاوز قدرة الإنسان على التفكير المنطقي والعقلاني. وهي تبيع الأمل وتكدّس المليارات “يبلغ دخل صناعة العطور العالمية سنويا حوالي 18 بليون دولار”. والزبون مستعدّ لأن يدفع دائما الكثير مقابل زجاجة عطر قد لا يدوم شذاها أكثر من دقائق، لكنه يمنحه مزيدا من الثقة بالنفس والأمل والقبول.
تقول الشركة الصانعة لعطر تيري دي هيرميس واصفة هذا العطر، وهو بالمناسبة من العطورات الرجالية الفخمة والمتميّزة: هذا العطر مصنوع للرجل الذي يثبّت قدميه في الأرض ويرفع رأسه باتجاه النجوم”. ويقول إعلان دعائي آخر لعطر شاليمار: أنتِ لا ترشّين شاليمار فقط، بل ترتدينه جسدا وروحا”.
ترى أيّ رجل أو امرأة يمكن أن يقاوم سحر هذه الكلمات التي يبدو أن من صاغها شاعر بارع وخبير في إثارة العواطف ودغدغة الأحاسيس؟
عرف الإنسان العطور منذ أكثر من خمسة آلاف عام، أي قبل ظهور الأديان. والعطارة إحدى أقدم المهن في العالم. وأوّل من عرفها هم المصريون القدامى ثم الصينيون فالهنود والعرب واليونانيون.
وما زالت دور صناعة العطور تستخدم حتى اليوم نفس المكوّنات القديمة، مثل الصندل والياسمين والقرفة واللبان والزنجبيل وغيرها.
ومنذ القدم كانت الروائح العطرية تُحرق قربانا للآلهة ولطلب الحماية والتطهير من الذنوب. كما استخدمت، وما تزال، في طقوس السحر وطرد الأرواح. وكثيرا ما كان يستعان في تلك الطقوس بالبخور واللبان والصندل والمُرّ.
وقد عُثر على البخور واللبان في قبر توت عنخ امون عند اكتشافه. واشتهرت كليوباترا بعشقها للروائح العطرية. ويقال إن ذلك كان احد أسباب افتتان مارك انتونيو بها عندما شمّ عطرها في البحر لأوّل مرة.
المتصوّفة أيضا عرفوا العطور منذ آلاف السنين. كانوا يطلقون عليها أسماء مثل الرحيق والعسل والنبيذ السماوي المقدّس. وغالبا كانوا يستخدمون المسك المستخلص من الغزال، رمز الصمت والحياء. وبعضهم كان يفضّل الزهور رمز التنوير والعرفان.
وتذكر السجّلات التاريخية أن أول كيميائي في العالم كان شخصا من بلاد الرافدين. كان اسمه لافوندا وكان صانع عطور حسب ما هو مذكور في لوح مكتوب بالمسمارية يعود إلى الألف الثانية قبل الميلاد.
العرب والفرس كان لهم إسهاماتهم المهمّة أيضا في صناعة العطور، من الكندي إلى ابن حيّان إلى ابن سينا الذي يعود إليه الفضل في ابتكار طريقة استخلاص الزيوت من الأزهار عن طريق التقطير.
لكلّ مكان رائحة تميّزه ويختلف الشعور الذي تستثيره الرائحة باختلاف طبيعة المكان. مثلا رائحة المستشفيات ينفر منها الكثيرون، ربّما لأنها تذكّر بالمرض. في حين أن رائحة الأشجار والماء والنباتات ترتبط بالشعور بالصحّة والحرّية والانطلاق.
وممّا نقله المؤرّخون عن نابليون انه كان يتذكّر مسقط رأسه في كورسيكا كلما شمّ أشجار ونباتات جزيرة سينت هيلينا التي كان منفيا فيها. وخلال سنواته في الحكم، كان نابليون معروفا بولعه بالعطور بفضل تأثير زوجته جوزيفين. ويقال إن رائحة المسك الذي كانت تفضّله ظلت عالقة في مخدعها بعد وفاتها بستّين عاما.
خشب العود والبخور كانا معروفين منذ فجر التاريخ. وقد ارتبطا في بعض العقائد القديمة بطقوس تقديم القرابين للآلهة. الفكرة التي كانت شائعة في الأزمنة القديمة، وربّما إلى اليوم، أن الله موجود فوقنا أي في السماء. وبما أن البخور وما في حكمه من النباتات العطرية يصعد إلى فوق عند حرقه، فقد رأى الأقدمون أن تلك الرمزية توفّر أفضل طريقة للاتصال بالآلهة وطلب مساعدتها، خاصّة أن تلك النباتات ذات رائحة عطرية قويّة ويستحيل أن ترفضها الآلهة..
وأتذكّر أنه أثناء زيارتي للهند سائحا منذ سنوات ذهبتُ إلى سوق العطور في بومباي لشراء شيء من خشب ودهن العود لإهدائه إلى بعض معارفي. وقبل بلوغ مكان السوق بمسافة فاجأتني الروائح العطرية الفوّاحة من كلّ صنف ولون. كان الجوّ يضجّ بشذى المسك والعود والياسمين والبخور وروائح أخرى لا اعرفها، ما دفعني لأن أقارن ذلك المكان بمكان آخر لا يبعد عنه أكثر من كيلومتر واحد، حيث لا شيء هناك سوى روائح الحيوانات والعفن والفقر والبؤس والقذارة بأجلى مظاهرها وصُوَرها.
والحقيقة أنني وفّقت في شراء أجود أنواع العود، بشهادة من أهديتها لهم، وبثمن زهيد جدّا مقارنة بأسعار العود عندنا التي يتحكّم فيها تجّار جشعون لا يبيعون سوى أردأ الأنواع وأسوئها وبأسعار خيالية ومبالغ فيها كثيرا.
وفاجأتني حقيقة أن الهنود لا يحبّون دهن العود ولا يستخدمونه كثيرا بل يفضّلون عليه البخور والمسك. وقد لا يوازي هذين العطرين من حيث الأهمّية سوى العسل واللبن اللذَين يرون فيهما رمزا للخصب والميلاد. وقد رأيت في بعض تلك النواحي تمثالا لرجل ضخم الجثة يحيط به جمع من الكهنة الذين راحوا يحرقون عند قدميه البخور ويتمتمون ببعض الأذكار والأدعية. وكان بعض الرجال العراة يسكبون في فجوة في رأس التمثال جرارا من العسل واللبن التي تأخذ طريقها إلى جوفه، فيما اصطفّت النساء العاقرات أسفل التمثال وقد أدنينَ أفواههن من عضوه الذكري وتسابقن لامتصاص ذلك المزيج الذي يعتقد الهندوس انه مقدّس وأنه يشفي من العُقر ويمنح الذرّية بعون الآلهة ومباركتها.
كان العطر، وما يزال، يلعب دورا مهمّا في الذاكرة الثقافية للكثير من الشعوب. وقد ارتبط بأسماء العديد من الشخصيّات المشهورة والمهمّة.
المصلح المسيحي سافونارولا ، مثلا، نصح الناس في زمانه بأن يلقوا بزجاجات العطور في النار وأن لا يهتمّوا بالأمور المظهرية لأن من شان ذلك أن يؤجّل حلول يوم الحساب. أي أن الرجل كان يستعجل نهاية العالم. الغريب أن ذلك المبشّر اُلقي به هو في النار بعد أن حكمت عليه الكنيسة بالموت حرقا اثر اتهامه بالزندقة. بينما استمرّ الناس في استخدام العطور إلى اليوم.
عازفة التشيللو العالمية الراحلة جاكلين دو بري قالت عبارة شاعرية جميلة تصف فيها علاقة الإنسان بالأزهار: عندما ندوس بأقدامنا على الأعشاب البرّية ذات الرائحة الحارقة والمتوترة فإنها تعاقبنا بجعلنا نحسّ بالتَوَهان والسُكر”.
الشاعر الأمريكي إيزرا باوند له قصيدة مشهورة يتحدّث فيها عن اثر العطر. والشاعر الفرنسي بول ايلوار ارتبط شعره بطبيعة العطر الغامضة. والشاعرة الروسية آنا أخماتوفا ، التي عُرف عنها بحثها الدائم عن الكمال والخلود، لا تخلو أشهر قصائدها النوستالجية الحزينة من إشارات إلى البيوت المصبوغة بالأحمر والمداخل والأبواب التي تضوع فيها عطور السيّدات ورائحة تبغ الرجال العابرين والسلالم التي تفوح منها رائحة القهوة واليانسون. والشاعر الفرنسي بودلير عُرف هو الآخر بقصائده التي يصف فيها عطر حبيبته جياني دوفال وشعرها الأسود الفاحم في قالب تمتزج فيه الايروتيكية بالتذكّر الحزين.
سقراط كان يوصي تلاميذه بالتزام الحذر في استخدام العطور لأن الإنسان الذي يسرف في وضع العطور “لا يعود واضحا إن كان حرّا أو عبدا”. كاليغولا الرهيب كان يستحمّ في حوض من العطور بالرغم من اقتران اسمه بالعنف والقسوة.. يوليوس قيصر كان يزدري من يأتيه متعطّرا، وكان يفضّل الثوم على العطر!
كلمة عطّار وعِطارة الفارسيّتان وجدت طريقهما إلى الكثير من لغات العالم. وكلمة كولونيا التي تظهر على كلّ زجاجة عطر ارتبطت بمدينة كولون الألمانية التي شهدت ازدهارا في صناعة العطور أوائل القرن الثامن عشر ودخل اسمها منذ ذلك الوقت القاموس اللغوي للعطر.
في فرنسا، عُرف لويس الخامس عشر بحبّه للعطور لدرجة انه أسمى قصره “قصر العطور”. وكانت ، خليلة الملك، تتولّى مهمّة اختيار الأزهار والزيوت العطرية وجلبها للقصر.
اليونانيون أيضا تركوا بصمتهم على تاريخ العطور. كانت الرائحة الزكية تسبق زيارة الإلهة وعلامة على حضورها الدائم. وفي الإسلام تزدحم النصوص الدينية بالحديث عن المتع الحسية في الجنّة، ومنها أنواع العطور المختلفة كالزنجبيل والمسك والكافور.
يقول بعض العلماء أنهم بدءوا يكتشفون تأثير الرائحة على العقل الباطن للإنسان. يقولون مثلا أن رائحة التفاح الأخضر يمكن أن تجعل الغرفة تبدو اكبر. ورائحة الشواء أو الباربكيو تجعلها تبدو اصغر.
وهناك انطباع شائع بأن رائحة الحمضيات توحي بالخفّة والديناميكية، ورائحة الفانيليا تعطي انطباعا بالرزانة والوقار، ورائحة العنب توحي بالشباب والحيوية.
صنّاع العطور يستوحون إبداعاتهم من الأسفار والأحلام ومن القراءة ومن استنشاق الروائح التي يصادفونها في حياتهم اليومية. ومن عادة الشركات الكبيرة أن ترسل خبراءها إلى ضفاف الأنهار البعيدة وإلى غابات المطر الاستوائية بحثا عن الأزهار البرّية النادرة ذات الرائحة النفّاذة التي تدوم طويلا من أجل استخلاصها واستخدامها في صناعة العطور النفيسة.
اليوم هناك حديث كثير عن الاتجاهات المستقبلية في صناعة العطور. وثمّة من يتنبّأ من الآن بأن العطور في المستقبل ستكون اقلّ اهتماما بالتمييز بين الجنسين وان الاتجاه هو لمصلحة صناعة عطورات تصلح للرجال والنساء معا. ويقال إن المستقبل سيكون إلى جانب الشركات الناشئة التي تنتج عطورا رخيصة ولكن ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة بعيدا عن احتكار وتغوّل الشركات الكبيرة والعريقة.
ومن الأشياء المثيرة حقا ما قيل مؤخّرا من أن الخبراء قطعوا شوطا كبيرا باتجاه إتاحة عيّنات من العطور لتكون بمتناول جمهور المشترين الذين سيتمكّنون من شمّ العطور وتجربتها قبل اختيار ما يناسبهم منها عبر الانترنت. تخيّل مثلا أن تذهب ذات يوم إلى موقع دار غيرلانالفرنسية لتفاجأ بنفحات من عطر شاليمار وهي تداعب أنفك وتتغلغل إلى رئتيك قبل أن ينتشر عبقها في أرجاء الغرفة أو المكان الذي تجلس فيه. هذا احتمال يقول العلماء انه صار ممكنا، رغم انه يستعصي على التصديق وقد يراه بعضنا أمرا بعيد الاحتمال. لكن التكنولوجيا تتسارع كلّ يوم وتحقّق العديد من الاختراقات والانجازات المبهرة على أكثر من صعيد. والكثير من الأمور التي كان يستحيل تصديقها أو تخيّلها منذ سنوات أصبحت اليوم بفضل عبقرية الإنسان وعقليته الخارقة حقيقة ماثلة نلمسها ونراها رأي العين ولم تعد تفاجئنا أو تدهشنا.
********************************************************
شكر خاص من نورانيوم لكاتب هذا المقال الرائع ، واتحاحة الفرصة لعشاق العطور ، الاطلاع على أفكاره و خواطره ، حول العطور . أكرر شكري لأخي الكريم PROMETHEUS صاحب مدونة خواطر و أفكار .
غير مسموح بنسخ أو نقل أو اعادة نشر هذا المقال بدون الرجوع إلى الكاتب الأصلي على رابط مدونته
شكراً على هذا المقال الرائع الذي سكب علينا شلالات من الروائح الباعثة على الفرح والانشراح… من جد استفدت من هذه المعلومات القيمة وهو كلام شخص متخصص ومرهف الحس في نفس الوقت… سؤالي ذكرت بأن عطر بولغاري بو هوم رائحتة ذكورية ويصلح لليل… هناك عدة أصدارات من هذا الاسم (بولغاري بو هوم) واختلطت على تلك الأنواع عندما ذهبت أسأل عن هذا الاسم حيث وجدت حوالي أربعة أنواع.. أرجو التوضيح بلون وشكل الزجاجة..
مع التحية والاحترام..
أهلا و مرحبا بك أخي الكريم شكرا على تعليقك و ملاحظاتك ، و إن شاء الله غدا نضيف موضوعا حول العطر محل اهتمامك ، مع ملاحظة أن نورانيوم ليس هو كاتب المقال كما هو مبين في بداية و نهاية المقال . تقبل تحيات نورانيوم
كلام جميل
عودا حميدا أخي الكريم يوسف .. تقبل تحيات نورانيوم
مقال رائع معك حق تماما فالروائح تتعدى الأنف لتذكرنا ببعض المواقف والأماكن والذكريات
على سبيل المثال هوجو دارك بلو يذكرنى بأول حب، ورائحة القهوة تذكرنى بالسفر لأوروبا، روائح الحمضيات تذكرنى بالانطلاق فى الاجازات الصيفية وخاصة فى فترات الدراسة
السلام عليكم
انا قرات الجزء الاول فاحسست فعلا بشيء غريب جدا من تناسق الكتابه الرائعه ما شاء الله وكاني احمل حملا الى كل تلك الاماكن بل وكاني وسط كل هذه الحبكه الرائعه سبحان الله احسست بسرحااان غريب جدا وتذكرت التلفريك الذي ركبته يوما ما في خاركوف احدى مدن اوكراينا فعلا شيء خرااافي …عندما يتدفق الاحساس بهذا الشكل الراقي ليصيغ هذه الكلمات التي تقوم مقام الاسفار والتنقل والمشاهدات والمعاينات المختلفه.
اشكرك اخي نورانيوم بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
واشكر الطيب كاتب المقال على هذا الابداع المتناهي.
شكرا لك اخى نورانيوم على مشاركتنا هذا المقال ( الابداع ) .. اللى كاتبه برنس الصراحة 🙂
اخوانى ادارة الموقع انا مش قادر احط اى موضوع حديد ومش عارف فين المدونات اللى بيقول عليها الخ العزيز نورانيوم ومش عارف اضيف اى عطر جديد لموقعنا العزيز ياريت تفيدونى
ما هذا المقال السوبر رائع يا استاذ نورانيوم.. أنا لو كنت رأيت هذا المقال من زمن لكنت كففت عن الفذلكة ووضعت لسانى فى فمى.
رائع رائع رائع.. تصفيق
أخى من مصر
تحت أسفل الصفحة تماما قم بتسجيل الدخول وستدخل لحساب ووردبريس، دون من خلاله وارسل التدوينة للمراجعة
قريت اول جزء في المقال و عجبني بس طويل اوي
موقع رائع ومقالة متميزة، قرأت الرواية من الجلدة للجلدة كما يقولون وكذلك أميت حوالي الساعة والنصف أقرأ واتصفح هذا الموقع زنقا زنقا واكيد في المفضلة وشكرا نورانيوم على التألق والتميز ولي عودة متكررة ودمتم في حفظ الله ورعايته.
سعدت جدا بمرورك أخي الكريم ، جزاك الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زوار هذا الموقع المتميز والرائع في وصف العطور,أود أن أشكركم وأشكر القائمين على هذا الموقع إن هذه المقالة قيمة إلى درجة كبيرة حيث أوضحت لي العديد من الأشياء حول العطور ومدى تأثيرها في حياتنا نفسيا و اجتماعيا. و أود أن أود أن أشكر نوررانيوم على مجهوداته الطيبة و التبصيرية عن العطور ومكوناتها جزاك الله خيرا
ملاحظة : لقد شممت عطر كريد الأبيض فوقعت في حب هذه الرائحة العذبة.
يا سلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام .. إبداع نثري و وصفي و سرد رائع.
وافر الشكر لكاتب الموضوع و لنورانيوم .. سأعيد قراءته .. فالمواضيع التي تزيد من الثقافة العطرية كهذا الموضوع تستهوي عشاق العطور و تزيد شغفهم بها.
( ان الغايه الاساسيه من استخدام العطور هي محاولة الانسان اللاواعيه احيانا اخفاء الرائحه الطبيعيه لجسده ) .. اكيد 100 %
( ان الخبراء قطعوا شوطا كبيرا باتجاه اتاحة عينات من العطور لتكون بمتناول جمهور المشترين الذين سيتمكنون من شم العطور وتجربتها قبل اختيار مايناسبهم منها عبر الانترنت ) .. تتكلم جد يانورانيوم ولا تمزح
اخي نورانيوم ونحن نعيش حمى الامتحانات ممكن الاقي عندك ملخص للموضوع 🙂
تحياتي بروفيسور نورانيوم ..
أخي الغالي الحكمي ،، طاب يومك . لست أنا مؤلف الموضوع 😀 الموضوع نقلا عن مدونة خواطر و أفكار . تجد رابط لها أسفل الموضوع 😀
بجد رائع ومميز وموضوع ساحررررررررررررررر
موضوع قيم وممتع يدل على علم واسع بوركت الايادي
والفيلم الذي فيه البطل قتل الفتاة من اجل رائحتها
كان غريبا وتم عرضه فبل 4 اشهر
لك الف شكر عزيزي
(y)
مقال رائع ومريح للاعصاب تسلم الايادى
تقرير رووووووووووووووووووووعه
” إحدى الخصائص الغامضة للرائحة هي إنها تقيم روابط مع الأشياء والأشخاص والأمكنة. وممكن أيضاً أن تساعدك على إكتشاف جوانب خفية من شخصيتك. شئ من قبيل إكتشاف الذات وإستنطاق المشاعر وإستكناه الرغبات الكامنة.”
******************
” إن للروائح قوة إقناع أكثر من الكلمات أو التعبير الصريح عن المشاعر. كما أن القدرة الإقناعية للعطر لا يمكن مقاومتها. إنها تنفذ إلى دواخلنا مثلما ينفذ الهواء إلى الرئتين فيملأهما”
****************
“هناك عنصر مشترك بين العطر والموسيقى والرسم هو عنصر المتعة التي تشكل هاجساً دائماً للإنسان. والمتعة الكامنة للعطور يصعب شرحها أو تفسيرها ولكنها متصلة بالعقل والحواس”
******************
شركات العطور تدرك ان
“الرائحة لها مفعول تتجاوز قدرة الإنسان على التفكير المنطقي والعقلاني”
********************
مات الكلام. 🙂